"انتحار أم تصفية؟ القصة الكاملة لسقوط رئيس وزراء سوريا الأسبق محمود الزعبي"
يقول عبد الحليم خدام في مقابلة على قناة العربية (قبل انتحار محمود الزعبي بثلاثة أيام، دعانا الرئيس إلى منزله، أنا وعبد الله الأحمر وسليمان قداح وعبد القادر قدورة ومصطفى طلاس. وكانت علامات التعب بادية على وجهه، وبدأ الحديث قائلاً: لقد خانني محمود الزعبي؛ حققوا معه وحاسبوه)
كما يذكر خدام أن الزعبي هدده بالانتحار إذا تم استدعاؤه للتحقيق، قائلاً: "إذا دعوني إلى التحقيق سأنتحر."
متل اليوم ب 21 أيار/ ماي 2000
السلطات السورية تعلن رسميا وفاة رئيس الوزراء السوري المقال محمود الزعبي انتحارا و قال بيان لوزارة الداخلية السورية إن قائد شرطة دمشق توجه إلى منزل الزعبي لتسليمه مذكرة تخطره بالمثول أمام القضاء في الاتهامات المنسوبة إليه، وعندما طالب بمقابلة الزعبي سمع دوي إطلاق الرصاص, وقال البيان الذي نقلته وكالة الأنباء الرسمية إن الزعبي أطلق الرصاص على نفسه من مسدسه في غرفته بالطابق العلوي من المنزل وأمام زوجته وأولاده.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن شاهد عيان قوله إن الزعبي أطلق النار في الهواء مرتين قبل أن يصوب مسدسه نحو رأسه، وذلك عندما وصلت الشرطة إلى منزله لتسليمه مذكرة استدعاء لمثوله أمام القضاء بتهم تتعلق بالإضرار بالاقتصاد الوطني.
كان الزعبي قد واجه اتهامات (بالفساد) أدت الى إقالة حكومته ووضعه رهن الاقامة الجبرية في منزله بدمشق و تكليف محافظ حلب محمد مصطفى ميرو رئيسا للحكومة الجديدة، تزامنت إقالة حكومة الزعبي مع إجراءات بدأ بها بشار الأسد نجل الرئيس ضد الفساد.
في 10 مايو/أيار، قامت القيادة القطرية لحزب البعث بطرد محمود الزعبي من الحزب متهما أياه (بممارسات سلوكيات وسوء ائتمان تتعارض مع قيم الحزب وأخلاقه ومبادئه, وتشكل خرقاً للقانون, وتسبب أضراراً فادحة بسمعة الحزب والدولة والاقتصاد الوطني).
وفي 13 أيار مايو أصدر وزير المالية السوري محمد خالد المهايني قراراً بتجميد أصول الزعبي ونائبه للشؤون الاقتصادية سليم ياسين ووزير النقل في حكومته مفيد عبد الكريم "حفاظاً على المال العام على ضوء ما ستكشف عنه التحقيقات رغم أن طبيعة التجاوزات المدان بها الزعبي كانت معروفة. ولم يتم الكشف عنها رسمياً، كما أشارت تقارير صحفية إلى أن الزعبي وولده متهمان باختلاس ملايين الدولارات. بعد ذلك بوقت قصير، تم توجيه الاتهام إلى الزعبي بتهم الفساد و"الإضرار بالاقتصاد الوطني" خلال فترة رئاسته التي استمرت 13 عامًا، و كان من المقرر أن يمثل للمحاكمة أمام محكمة الأمن الاقتصادي قبل موته!! علما ان كل من كان في السلطة أنذاك كام متورطا بقضايا سرقات وفساد و محسوبيات.
اتُهم الزعبي مع نائبه سليم ياسين و وزير النقل مفيد عبد الكريم بتلقي عمولات غير قانونية تصل قيمتها إلى 124 مليون دولار أمريكي فيما يتعلق بشراء ست طائرات ركاب من طراز إيرباص 320-200 لشركة الخطوط الجوية السورية في عام 1996. وزعمت لائحة الاتهام أن التكلفة العادية للطائرات كانت 250 مليون دولار أمريكي، لكن الحكومة دفعت 374 مليون دولار أمريكي وأرسلت شركة إيرباص 124 مليون دولار أمريكي إلى كبار الوزراء. اما التهمة الغير معلنة فكانت تلك التي ذكرها رئيس مكتبه بسام جعارة و المتعلقة بتسريب قضية المفاوضات حول ال 13 مليار دولار العائدة لباسل الاسد في بنوك النمسا الى العلن.
وقد تم دفن الزعبي في مسقط رأسه بمحافظة درعا في اليوم التالي بلا مراسم تشييع رسمية. بجنازة متواضعة حضرها نجلاه مفلح وهمام وعدد من الأقارب. وقال أحد مرافقي النعش الذي خرج من مستشفى المواساة في العاصمة السورية دمشق إن صلاة الجنازة أديت على الجثمان في مسجد قرية غزاله خرباط مسقط رأس الزعبي.
الصورة: محمود الزعبي رئيس الوزراء، وعن يمينه نزار داودي أمين سر رئاسة مجلس الوزراء، وعن يساره فاروق الشرع وزير الخارجية السوري، في العاصمة الإيرانية طِهران يعزُّون بوفاة الخميني، بتاريخ 3 يونيو 1989
تعليقات
إرسال تعليق