قانون الاستثمار رقم 10 في سوريا عام 1991: وعد بالتنمية انتهى بالفساد

 


 يقول جون كينيث غالبريث "الرأسمالية حين تُدار بيد نخبة فاسدة، لا تخلق سوقًا حرة. بل سوقًا للحاشية."


متل اليوم ب 4 أيار/ ماي 1991

صدور قانون تشجيع الاستثمار رقم 10 الذي شكل نقطة دفع كبيرة لانفتاح الاقتصاد ولتوسع القطاع الخاص ونهاية (عصر التأميم). جاء هذا القانون معاصرا لتغيرات دولية تمثلت بانهيار المعسكر الاشتراكي وانهيار النموذج السوفييتي في الاقتصاد الموجه.
وض
ع القانون من أجل تشجيع الاستثمار وجذب رؤوس الأموال، وكان يهدف الى:
-فتح المجال أمام القطاع الخاص.
-توفير حوافز (إعفاءات ضريبية، تسهيلات جمركية).
-التقليل من تدخل الدولة المباشر في الاقتصاد.
شهدت سوريا للمرة الأولى منذ عام 1963 بروز لدور القطاع الخاص
وظهور أرقامه المرتفعة في موازنات الحكومة ما أدى إلى ارتفاع النمو الاقتصادي في البلاد في النصف الأول من التسعينيات والذي ما لبث أن تحول إلى ركود اقتصادي في النصف الثاني بسبب سوأ التطبيق:
-حيث تم استغلال القانون من قبل شبكة المصالح والفساد خصوصًا من قبل أشخاص مقربين من السلطة.
_استُخدم كغطاء قانوني لتحويل أموال الدولة إلى مشاريع خاصة تعود بالنفع على رجال أعمال محسوبين على السلطة حصل بعضهم على أراضٍ وعقارات وتسهيلات جمركية وضريبية لم يكن يمكن لغيرهم الحصول عليها. _ادى الى عدم عدم تكافؤ الفرص بينما كان القانون يَعِدُ بإعفاءات وتحفيزات، إلا أن الوصول إلى هذه الامتيازات كان صعبًا جدًا للمستثمرين المستقلين أو من خارج "دائرة الثقة".
_ تم الاستفادة من القانون عبر تسجيل مشاريع شكلية للحصول على الإعفاءات، دون تنفيذ المشروع أو بتشغيله بمستوى أدنى بكثير من الوعود.
لقد عاب هذا القانون بأنه كان اعتباطيا وغير ما خطط له على المدى الطويل فقد أطلق نشاطا ملحوظا في قطاع الخدمات على حساب قطاع الصناعة الذي اقتصر على إنتاج السلع الاستهلاكية الخفيفة، إضافة إلى أن السماح بتشميل السيارات السياحية ضمن القانون الأر الذي أدى إلى تطبيق القانون بشكل سيئ وبيع تلك السيارات بدل الاستفادة منها لخلق مشاريع على المدى الطويل.
لم يدرس القانون قبل صدوره مسألة توافر المناطق الصناعية والأراضي المخصصة لبناء المنشآت الصناعية إضافة لما يتعلق بصعوبة الحصول على سجل صناعي لبدأ المشاريع الصناعية.
ولعل أسوأ تطبيقات هذا القانون ما قام به بعض المستثمرين في مدينة حلب كلاس وأمينو وغيرهم من توظيف مدخرات السوريين بأرقام ضخمة ثم إعلان إفلاسهم فجأة وإغلاق مشاريعهم ما أدى إلى مشكلات كبيرة جدا في المجتمع.
كان الاقتصاد السوري في عهد حافظ الاسد بشكل عام يعتمد النهج الاشتراكي مع انفتاح محدود على بعض أشكال القطاع الخاص في الزراعة والتجارة و زيادة الاعتماد على الدعم الحكومي، والاقتصاد الريعي كذلك نشوء "رأسمالية الدولة" التي يديرها الجيش وأجهزة الأمن.
اما عن المراحل التي مر فيها الاقتصاد السوري منذ الاستقلال فقد مر بثلاث مراحل مهمة الاولى امتدت منذ عام 1946 حتى عام 1958 و كان فيها الاقتصاد اقتصادا ليبرالي نسبيًا و قطاع خاص قوي خاصة في الزراعة والتجارة يقوده طبقة صناعية وتجارية ناشئة، خاصة في دمشق وحلب في ظل انفتاح علىالأسواق الأوربية تجاريًا وتمويليًا.
تذكر تقارير الفاو في خمسينات القرن العشرين أن سوريا كانت واحدة من أكثر الدول إنتاجًا للحبوب والقطن والزيتون في المنطقة.
مرحلة الوحدة مع مصر و"التأميم" (1958–1961):
خلال الوحدة مع مصر (جمهورية الوحدة)، تم تطبيق نهج اشتراكي وتأميم الشركات الكبرى بتدخل الدولة في الاقتصاد أصبح أوسع
مرحلة الستينات – الاشتراكية البعثية (1963–1970):
بعد استيلاء حزب البعث على الحكم عام 1963، بدأ تطبيق نموذج اقتصادي اشتراكي صارم:
-تأميم الصناعات والبنوك والمصارف وشركات النقل
-إنشاء القطاع العام الصناعي والزراعي.
-تقوية دور الدولة في التخطيط والرقابة الاقتصادية.
-غياب الملكية الخاصة تقريبًا عن القطاعات الأساسية.
شكل قانون الاستثمار رقم 10 انعطافة هامة في مسار الأقتصاد السوري ذو الاقتصاد الأشتراكي المغلق نحو انفتاح محدود لم يكتب له تحقيق قفزة رغم الوعود في ظل بيئة فساد تستأثر فيها طبقة من رجال السلطة تحظى بكل امتياز في بلاد تعاني من معدلات دخل منخفضة و نمو سكاني متسارع و غياب تام للشفافية ماحول القانون إلى أداة لتكريس الاحتكار وخلق اقتصاد ريعي قائم على الولاء السياسي لا الكفاءة.
مراجع
-الاقتصاد السوري في أربعين عاما منير الحوش
-العقد الأخيرة من تاريخ سوريا محمد جمال باروت
-تاريخ سوريا السياسي المعاصر كمال ديب
-فلاحو سورية- أبناء وجهائهم الريفيين الأقل شأنا وسياساتهم حنا بطاطو
الصورة تعبيرية
-تقرير لمنظمة الفاو The state of food and agriculture 1958

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"انتحار أم تصفية؟ القصة الكاملة لسقوط رئيس وزراء سوريا الأسبق محمود الزعبي"

في مثل هذا اليوم... تحالف الضرورة" يُنجز حكومة الميثاق السوري!