زيارة كولن باول بعد سقوط بغداد – مطالب أميركية ورفض سوري صامت
متل اليوم ب 3 أيار/ ماي 2003
وزير الخارجية الاميركي كولين باول يزور دمشق و يجتمع بالرئيس السوري بشار الأسد لإبلاغه بجملة مطالب أميركية عليه القيام بها بعد الاحتلال الأميركي للعراق. جاء هذا اللقاء بعد ثلاثة أسابيع من سقوط بغداد. كانت أهم المطالب الأميركية تتلخص ب
1.وقف التدخل في الشأن العراقي: طالبت الولايات المتحدة سوريا بعدم التدخل في العراق، ومنع عبور المقاتلين الأجانب عبر الحدود السورية إلى العراق، وتسليم أي مسؤولين عراقيين سابقين موجودين على الأراضي السورية.
2.إغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية: دعت واشنطن دمشق إلى إغلاق مكاتب حركات مثل حماس، الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القي
ادة العامة، والحد من أنشطتها الإعلامية والسياسية داخل سوريا.
3.الانسحاب من لبنان: طالبت الولايات المتحدة بسحب القوات السورية من لبنان، وإنهاء الدعم لحزب الله، معتبرة أن هذا الوجود يعيق الاستقرار الإقليمي.
4.التعاون في ملف أسلحة الدمار الشامل: حثت واشنطن دمشق على التعاون في قضايا تتعلق بأسلحة الدمار الشامل، رغم عدم وجود أدلة على امتلاك سوريا لمثل هذه الأسلحة في ذلك الوقت
قامت واشنطن بترك مساعدين لكولن باول و دبلوماسيين وبعضهم عسكريين فى دمشق ليواصلوا العمل مع السوريين حول المطالب الأميركية من دمشق. و بناء على ذلك ستحدد واشنطن موقفها من دمشق والإجراءات التى ستتخذ على أساس النتائج التى سيصل إليها هؤلاء.
وصف الإعلام الرسمي السوري المحادثات بأنها "صريحة وبناءة"، لكن الأسد أبدى تحفظًا على المطالب الأمريكية.
أكد كولن باول أن الخيار العسكري "ليس مطروحًا"، أشار إلى أن جميع الخيارات، بما في ذلك السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، تظل على الطاولة. كما لوّح بإمكانية فرض عقوبات على سوريا بموجب "قانون محاسبة سوريا" الذي كان قيد المناقشة في الكونغرس آنذاك.
لم ينفذ بشار الاسد معظم مطالب كولن باول، بل تعامل معها بتحفظ ورفض ضمني، رغم أنه أبدى انفتاحًا دبلوماسيًا ظاهريًا في البداية فقد رفض الأسد إغلاق مكاتب هذه الفصائل، معتبرًا أن وجودها "سياسي وإعلامي فقط"، وليست قواعد عسكرية و بقيت هذه الجماعات تمارس نشاطها من دمشق حتى بداية الثورة السورية 2011، حين غادرت معظمها سوريا بسبب موقف النظام من الاحتجاجات.
فيما يتعلق بضبط الحدود مع العراق ومنع تسلل المقاتلين وعدت دمشق بالتعاون، لكن على الأرض، استمر تسلل المقاتلين عبر الحدود إلى العراق، خاصة خلال بدايات التمرد ضد الاحتلال الأمريكي.
فيما يتعلق بسحب القوات السورية من لبنان اعتبرت دمشق وجودها في لبنان أمرًا استراتيجيًا و صرحت مستشارة الاسد بثينة شعبان لصحيفة الرياض السعودية بعد أيام من اللقاء ( أن حزب الله هو من النسيج اللبناني فهو حزب سياسي يدافع ضد احتلال إسرائيلي وليس له أي نشاط خارج لبنان, وأكدت أن إعادة انتشار القوات السورية من لبنان ستتم حين يتحقق السلام العادل والشامل مشددة أن المسارين السوري واللبناني ضروري أكثر من أي وقت مضى وأنه لا مصلحة لسورية في لبنان سوى مصلحة ومستقبل وازدهار الشعب اللبناني). بقيت القوات السورية في لبنان حتى اغتيال رفيق الحريري عام 2005، وهو ما أدى لاحقًا إلى انسحابها تحت ضغط دولي كبير (بموجب القرار 1559).
فيما يتعلق بالتعاون في ملف أسلحة الدمار الشامل أنكرت السلطات السورية امتلاك سوريا لأي أسلحة دمار شامل.
في سبتمبر/ أيلول 2003 حدث ما بدا أنه أول انفراج في العلاقات بين دمشق وواشنطن منذ الحرب حينما زار وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول العاصمة السورية، واتجهت التحليلات آنذاك إلى أن سوريا تمكنت من استدراج الولايات المتحدة إلى الحوار وأن الدبلوماسية السورية سيمكنها العمل من جديد بفاعلية مع الأميركيين، لكن الزيارة انتهت بلا نتائج جدية معلنة، بل إن الكونغرس وافق على قانون محاسبة سوريا بعد مدة وجيزة من الزيارة لتدخل العلاقات بين الجانبين في نفق جديد ويعود الجمود الدبلوماسي والصراع السياسي والإعلامي
تعليقات
إرسال تعليق