في خطاب ألقاه الرئيس جمال عبد الناصر في 22 تموز 1963 بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لثورة 23 يوليو، قال


"إننا أكثر تمسكًا بالوحدة العربية والعمل من أجلها، لكننا نريد وحدة إرادة الشعوب؛ لا وحدة تسلط البعث الفاشستي، نريد الوحدة الديمقراطية لا وحدة سجن المزة، نريد الوحدة الاشتراكية لعزة الإنسان وكرامة الإنسان، ولا نريد أن نحقق الاشتراكية بالعنف أو بالدم." 


متل اليوم ب 10 أيار/ ماي 1963


مظاهرات نظمها الناصريون في كل من دمشق وحلب تعاملت معها السلطات بعنف ما أدى لوقوع حوالي خمسين قتيلا من المتظاهرين الناصريين و ملاحقة العشرات و أقتحام و إغلاق مكتب (حركة القوميين العرب). 

كانت تلك اول عمليات قتل لمتظاهرين يشهدها المجتمع السوري بهذا العنف!!

أتت تلك المظاهرات بعد حملة تطهير قامت بها قيادة البعث بتسريح 47 ضابطا ناصريا منهم قائد قوى الأمن الداخلي العميد جميل فياض و العميد ممدوح حبّال والمقدم مأمون تحسين (مرافق خاص لعبد الناصر زمن الوحدة)  إضافة للعشرات من صف الضباط،  أدت تلك الأحداث الى استقالة وزير الدفاع محمد الصوفي و نائب رئيس الأركان راشد القطيني و هما ناصريان و كانا عضوين في مجلس قيادة الثورة كما استقال الوزراء الناصريين الأمر الذي استغله البعث لتشكيل وزارة جديدة بدون الناصريين حصل فيها زياد الحريري على حقيبة الدفاع تم تنحيته لاحقا و الحاقه بإحدى البعثات الدبلوماسية، تلاها حملة اعتقالات طالت كبار الناصريين كما تمت عملية تطهير واسعة شملت الناصريين في الإدارات العامة والمدارس و الجامعات ليحل البعثيون مكانهم في كل منصب ووظيفة كذلك قام بعث العراق بحملة مشابهة قام بها علي صالح السعدي من موقعه كوزير للداخلية. 


قام البعثيون بدفع مناصريهم الى الالتحاق بالجيش حيث قدر عدد الضباط الذين أدخلوا الى الجيش بعد تسريح الناصريين بسبعمائة و قد نص القانون العسكري على ان كل طالب بكالوريا يؤدي خدمة العلم لمدة سنتين يخرج منها برتبة ملازم ما اتاح الفرصة لإستدعاء العشرات من الطلاب البعثيين المقربين من الدائرة الضيقة للجنة العسكرية للدخول الى الجيش لملء الفراغ الذي تركه طرد الناصريين بإشراف من صلاح جديد رئيس مكتب شؤون الضباط.

أدت تلك التطهيرات والملاحقات والأحداث الى قيام الضابط جاسم علوان بعملية تمرد في الثامن عشر من تموز تم بموجبها ازاحة الناصريين (حلفاء الأمس) من المشهد نهائيا.


يقول أ.مروان حبش في كتابه البعث وثورة أذار (كان حزب البعث يرى ان القوى الناصرية التي شاركها معه الحكم والتي كانت توجهها القاهرة، لم تستطع أن تستوعب معنى تجربة الوحدة السابقة و دروسها، وحاولت أن تكسر موازين القوى لصالحها بغية تركيز نظام في دولة الوحدة الثلاثية، عندما فشلت في ذلك و أدركت أن البعثيين في العراق و سوريا لايسيرون ضمن مخططها قامت بمحاولات عدّة اخرها ماحدث في 18 تموز)


استفرد البعث بالثورة .. و بدأت مرحلة جديدة قبض فيها حزب البعث على كافة مفاصل الدولة وحيدا دون منافس!


مراجع 

مروان حبش البعث و ثورة أذار

تاريخ سوريا المعاصر كمال ديب 

مذكرات أكرم الحوراني 

مدخل في الحياة السياسية السورية شمس الدين الكيلاني

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"انتحار أم تصفية؟ القصة الكاملة لسقوط رئيس وزراء سوريا الأسبق محمود الزعبي"