"سوريا بين العلمانية والتقليد الديني: صراع مزمن على هوية الدولة"


 شهدت سوريا منذ منتصف القرن العشرين جولات متكررة من التوتر بين القوى والجهات ذات النزعة "العلمانية" من جهة، والمؤسسة الدينية التقليدية من جهة أخرى. وكما يشير توماس بيريه في كتابه "الدين والدولة في سوريا", فإن هذا الصراع لم يكن عرضيًا، بل كان انعكاسًا لسؤال عميق حول هوية الدولة وحدود تأثير الدين في السياسة والتعليم والثقافة.

بدأت هذه المواجهة فعليًا مع طرح دستور عام 1950، حين تفجرت الخلافات حول موقع الدين في بنية الدولة، وما لبثت أن تجددت خلال أحداث حماة عام 1964 حول شعارات مستجدة مع انتصار البعث العلماني على الليبراليين المحافظين، لتبلغ ذروتها لاحقًا في صراع جماعة الإخوان المسلمين مع نظام البعث، الذي حُسم لصالح السلطة وأدى إلى انكفاء المؤسسة الدينية لفترة، دون أن يعني ذلك اختفاءها أو انتهاء تأثيرها.
ويعود الصراع ناعما من جديد بعد تولي بشار الاسد للسلطة وتحديدا عندما حاول تمرير بعض القرارات ومنها وقف تسجيل طلاب الصف السابع في المدارس الشرعية غير أن بيان للعلماء رد ببيان على الحادثة الأخيرة خاطب رئيس لبلاد بوصفه حليفا لا خصم.

متل اليوم ب 21 حزيران/ يونيو 2006

أربعون عالما دينيا يرفعون بيانا إلى الرئاسة السورية يطلبون فيه إلغاء تعميم كان قد صدر عن وزارة الأوقاف السورية في نهاية شهر ايار 2006 (يطلب من مديري الثانويات والمعاهد الشرعية والحوزات العلمية بوقف تسجيل الطلاب والطالبات في الصف السابع للعام الدراسي 2006-2007.)

اعتبر العلماء في بيانهم أن هذا التعميم يمثل جزءا من خطة مرسومة في وزارة التربية تهدف إلى تجفيف روافد الثانويات والمعاهد الشرعية، و أشار البيان إلى أن الحوزات الشيعية ماضية في تجاهل تعميم وزارة الأوقاف ومصرة على عدم الاستجابة له، إلى جانب مدارس الشويفات التي تضيف إلى منهج المرحلة الأساسية ما تشاء من الزيادات في الساعات والمقررات والمدارس التبشيرية الأجنبية. وتساءل موقعو البيان عن الحكمة من أن ينزل بلاء وقف التسجيل على رأس المعاهد والثانويات الشرعية وأن تمضي هذه الخطة في التطبيق على التربية الدينية عموما ومناهج التعليم الشرعي خصوصا.

اعتبر العلماء أن غياب التعليم الديني سيضطر الآباء إلى الدفع بأولادهم إلى التعليم المختلط الذي وصفوه بأنه بؤرة للفساد الأخلاقي. وناشد الموقعون الرئيس بشار الأسد بأن يكون بالمرصاد لخطة تآمرية مقصودة للإطاحة بدين هذه الأمة وثقافتها الإسلامية وتراثها الشرعي. و طالبوا بعدم وقف الثانويات والمعاهد الشرعية في سوريا، معتبرين ذلك مؤامرة تحاك خيوطها منذ نحو عامين بهدف التآمر على أخلاق الناشئة ودينها.

كان من ابرز الموقعين على البيان محمد سعيد رمضان البوطي و شيخ الجامع الأموي عبد الرزاق الحلبي و إمام أصول الفقه مصطفى الخن ومفتي المذهب المالكي الأسبق فاتح الكتاني والشيخ صادق حبنكة اضافة الى ستة من أصل سبعة أعضاء من مجلس كبار قراء القرأن و الشيخ صلاح كفتارو والشيخ وهبة الزحيلي والشيخ نزار الخطيب كذلك أسامة الخاني مدير دائرة التعليم الديني في وزارة الأوقاف ومحمد الخطيب وزير الأوقاف الأسبق و اثنان من نواب مجلس الشعب هما هشام العقاد و رجل الاعمال غسان النحاس اضافة الى معاذ الخطيب و عماد الدين الرشيد.

في شهر تموز تم فصل الشيخ اسامة الخاني من منصبه كمدير عام للتعليم الاسلامي بسبب رفضه تأييد قرار الحكومة على الجانب الأخر أيد محمد حبش الاصلاح المخطط له و دان رسالة العلماء بوصفها (خيانة لمشروع سوريا الحضاري) قائلا للعربية نت "أؤيد المشروع وأنا شخصيا ابن التعليم الديني الذي حصلت عليه حتى الصف السابع وأعتبر أنه خطأ أكاديميا، لأنه لم تتح لنا فرصة تعلم الفيزياء ولا الكيمياء ولا الرياضيات وفيما بعد استدركنا ذلك عن طريق الدراسة الحرة، الاختصاص بالتعليم الديني والتخلي على العلوم الكونية من الصف السابع خطأ، وأعتبر أن التعليم في المدارس الشرعية يجب أن يبدأ بعد التعليم الأساسي"

بعد أيام استقبل الأسد وفدا من الموقعين على البيان و أكد لهم انه لن يلغي المرسوم الا انه لن يطبقه.

الصورة تعبيرية لاجتماع مع علماء الدين سنة 2000


#سوريا
#الدين_والدولة
#العلمانية
#المؤسسة_الدينية
#بشار_الأسد
#التعليم_الشرعي
#الإخوان_المسلمون
#وزارة_الأوقاف
#معركة_الصف_السابع
#علماء_الدين
#الإصلاح_التعليمي
#التوتر_الديني_السياسي
#بيان_العلماء
#صراع_الهوية
#حماة_1964
#الدستور_السوري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انهيار سد زيزون... كارثة بشرية وبيئية هزّت سوريا

الاجتياح .. لبنان تحت النار

"انتحار أم تصفية؟ القصة الكاملة لسقوط رئيس وزراء سوريا الأسبق محمود الزعبي"